fbpx
مشاهد لمذبحة آخر جمعة من 2013م .. وبطولة ” الكيان الصهيويمني ”

الزمان :  الساعة الثانية ظهراً – الجمعة 27 ديسمبر 2013

 المكان : مدرسة سناح الضالع جنوب اليمن

الوصف : ( مشاهد مذبحة بشرية )

كلما خطت يداي حرفاً .. لم تستوعبه الكلمات .. وكلما أردت ان أصف مشهداً .. تاهت الافكار بين مشهد طفل تفجر رأسه ومشهد شاب تناثرت دماغه .. فماذا عساي ان اكتب في اشلاء الاطفال المتناثرة ..؟ وروؤس الشباب التي فجرتها قذائف الدبابات .. ؟ ورقاب الابرياء التي قطفها الجيش اليمني كحصاد بشري استلذ مصاصي الدماء بها ترسيخ جبروتهم وطغيانهم الوحشي .

في آخر جمعة من عام 2013م الذي سيطوى إلى الابد في هذه الحياة السرمدية ، كانت بشاعة الإجرام تجسد صورتها الحقيقة لتنحتها في التأريخ وتكتب عليها بأحرف سوداء يندي لها جبين الانسانية ، وقع الفاجعة التي حلت بأهلنا في الضالع .

طفلاً هنا يجلس على حضن والده الذي اصطحبه إلى مدرسة سناح بالضالع لتقديم واجب العزاء في وفاة قريب لهم ، وتعليمه قيم الانسانية ومواساة الآخرين ، وطفلاً هناك كان يجلب للوافدين الى العزاء ماء من البقالة المجاورة ، لمنعهم من مقاطعة واجب العزاء ، واطفالاً آخرين قدموا مع اهاليهم الى العزاء يتجمعون قريباً من  مجلس العزاء ، يتحادثون عن بلغة الطفولة ويضحكون ببراءة طفولتهم ، وبسماتها واحاسيس اغصان باسقة في شجرة الحياة .. وفي مجلس العزاء بجانبهم ، كان شباب يتخذون من الحجر مُتكئ لهم ، يتحدثون عن آمال عريضة تسكنهم ، يجيشون بمشاعر الحزن والحسرة على فقدانهم شاباً طالما عاش معهم ولعب ، وكان أخوه يستقبل العزاء ويتلقى مواساة اقاربه وابناء قريته مضمداَ على جراحه وحزنه .. وفي المشهد كان لنا أن نرى حصيراً يجلس عليه الجميع ، بعضهم إتخذ من رادءه فرشاً للجلوس عليه ، متعشماً كل الظروف ، في سبيل التخفيف عن أهالي الفقيد الراحل ، وفي باحة المدرسة التي يجسد فيها الحاضرون ، نهج مجتمعهم المبني على قيم التآزر والتعاون ومواساة الآخرين ، القيم التي تفيض بالانسانية ، وتسطر مبادئ العيش المشترك استناداً إلى ما حثت عليه الاديان ، وحمله الاسلام وحث عليه القرآن الكريم .

إلى هنا  فقط لم يكتمل المشهد العظيم الممتلئ بالخير والانسانية ،  حيث كان أعداء الحياة والانسانية يرقبون المشهد من بعيد ، وتكتض نفوسهم بعداوتها وشؤمها لما تراه من الترابط والتآخي ، وحين طفقت بهم احاسيس الحقد والعداء ، وجهوا فوهات دباباتهم الى المكان ، وعلى عاجلة منهم ، عمّروا قذائف الدبابات وبدأوا ملحمتهم ضد الانسانية والطفولة .

 اطلقوا قذيفتهم الاولى  مباشرة على مجلس العزاء الذي كان يتجمع فيها مئات الشباب وعشرات الأطفال ، لتتطاير الاشلاء البشرية ، كأوراق تساقطت من شجر الاقحوان في خريف العام 2013 .

  القذيفة  فصلت رقاب الاطفال والشباب عن أجزاءها الاخرى ، ففقأت العيون ، وبترت الأرجل والايدي ، وفجّرت الروؤس ، فتنارثت الادمغة ، وسال نهر الدماء الطاهر .

 إلا ان الحقد الدفين المكتنز في نفوس العداء للإنسانية ، لم تكتفِ  بذلك ، فاستلذت النفوس بوحشيتها ، واستعذبت الارواح الشريرة بالقتل والجريمة ، ولم يقف مصاصي الدماء ، فما هي إلا ثواني حتى سقطت قذيفة ثانية ، ليس لإن الاولى أخطات هدفها ، بل للقضاء على ماتبقى من حياة وعرق ينبض فيمن نجى منها ، وتواصلت قذائف المدفعية بالسقوط على مخيم العزاء ، وتقاطرت شظاياها في كل ركن وشبر من المكان .

توجه الجميع من ارجاء القرية ، الى المدرسة ” مخيم العزاء ” في سناح الضالع ، ولم يكونوا يتصورون فداحة الامر ، آباء هرعوا على آمل ان يجدوا اطفالهم ، واخوة وصلوا المكان لإنقاذ اخوانهم من الكارثة ، فوجدوا ما لم يتصوره عقل ، ولم ترصده صور الجرائم البشرية على مر التأريخ .

كان أحد الاباء يحمل أشلاء طفله بين يديه ، ملفوف برداءه ، وآخرين يحملون جمجمة تفجرت وتناثر مخها ، ومشاهد أخرى لأطفال وشباب ممزقي الاشلاء متناثرين الاوصال .

هناك شاب لم يتبقى من دماغه شيئاً ، فقلد اختلطت دماغه بدماءه التي حولت لون المكان احمر ، واختلطت بدماء الشهداء بجواره لتشكل نهراً جارياً من الدم المسفوك ظلماً .

احدهم فور سماعه بالمجزرة ، وهو يعلم ان اخاه ذهب الى العزاء بمدرسة سناح ، لم يستطيع ان يمسك تلفونه ، لقد عقمت لسانه ، تثاقلت خطاه ، عينيه باتت بيضاء ، عندما نظر الى شقيقه ، املاً ف ان يجد فيه عرقاً ينبض ، لكنه فجع بهول ما رأى  ، عندما عندما لم يجد اخوه غير جثة هامدة متناثرة الاجزاء .

كان المستشفى يكتض بالمواطنين واهالي الضالع ، لحظة مشاهدتهم لجثث واشلاء الشهداء ، كانهم امام سينما تبث فلما مرعباً ، او تعيد لهم برنامجاً تسجيلياً من مجازر ” صبر وشاتيلا وقانا ” التي ارتكبها الكيان الصهيوني .

على وقع الكارثة ، كانت أصوات وتمتمات مصحوبة بنحيب الاستغراب من هول الفاجعة ، أعين الجميع حاضرة تشاهد وترى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر من جرائم الوحوش وحكايات الاساطير ، ومشاهد أفلام الرعب والأكشن ، ولقطات عالم الاجرام والمافيا .

جريمة رهيبة تلك التي دخلت فيها الضالع ، ضمن المدن الأكثر ضحايا للمجرمين ، واصبحت حينها منطقة منكوبة ، حيث مستشفياتها المتواضعة لم تستوعب علاج جرحى المجزرة الذين فاقت اعدادهم الــ40 جريحاً ، وقضى فيها 23 شهيداً ن وتكررت المأساة عند اسعاف الجرحى الى مستشفيات عدن ، وجهت تلك المستشفيات نداء عاجل ، للمتبرعين بالدم ، نتيجة القصور والتدهور الذي تعيشه مستشفيات الجنوب وعاصمته عدن .

وفي تفاصيل هامة ، افصح جنود لزملاءهم من منتسبي اللواء ” 33 ” مدرع الذي يقوده العميد ” عبدالله ضبعان ” ، وهو اللواء الذي ارتكب المجزرة الدموية الرهيبة ، بانهم ” برّدوا قلوبهم ” بالمجزرة وقتل الابرياء .

وفي احداثيات من جوجل ، ظهر الموقع الذي ارتكبت فيه الجريمة مقارباً بين المسافة الفاصلة لموقع الدبابات التي اطلقت القذائف وبين مدرسة سناح التي شهدت مذبحة بشعة يندى لها جبين الانسانية ، بما يعني ان العمل كان متعمد ووفق عملية ضبط واسقاط احداثيات من قبل الجيش اليمني وجنوده ، حيث تقع المدرسة في طرف منطقة آهلة بالسكان والمساكن .

ما وراء مذبحة سناح ..

يعلم الجميع ان قوات الجيش اليمني التابع لصنعاء ، تمادت كثيراص في جرائمها البشعة بحق ابناء الجنوب السلميين ، ومع تأريخها الاسود الذي تسطره في الجنوب ، توحي طلقات الدبابات التي استهدفت سناح وقتلت الابرياء ، بان الأزمة بلغت مبلغها داخل كيان اليمن الشمالي ، وبات يعرف  انهم لا محال راحلين صاغرين ، من ارض الجنوب ، لعلمهم اليقين انها ليست أرضها ، ولهذا ارادوا بمجزرتهم لأبناء الضالع ، ان يؤكدوا رحيلهم القريب ، ولكن على اشلاء الابرياء وعويل الثكالى ، لان الانسانية لا توجد في كيان يشبه في ممارساته وجرائمه ” الصهاينة ” الاسرائليين .

ليس الأمر متعلقا بحوار الطرشان باي صلة ، هناك ازمة قاهرة وانقسام حاد يعيشه الجيش اليمني ، ونتيجة لذلك ، ما برح قياداته يستهلكون دماء الابرياء في الجنوب لملئ عطشهم وتحقيق رغباتهم المتوحشة التي سقطت في الجنوب الى الابد ، ولن يعودوا بعدها ان يحلموا ان تطئ اقدامهم النجسة ارض الجنوب .

الدماء لا تسقط بالتقادم ، وحتماً سيشنق يوماً ماء القتلة والمجرمين ، سيعدمون تحقيقاً للعدالة الالهية ووعد الله الجبار .