fbpx
أيها الجنوبيون ..أوقفوا عبث جلد الذات “2”

أيها الجنوبيون ..أوقفوا عبث جلد الذات “2”
                                                                                                                                 كتب / أديب السيد
“قد اخالفك فيما تقول ولكني سأدافع حتى الموت عن حقك في أن تقول”.
إن العبث الغير مقبول الذي يحدث اليوم هو عبث جلد الذات وهدم المعبد على رؤوس الجميع ، ولا شك أن هذا النوع من العبث لا يكون ظاهرياً عابراً ، لإنه يتعلق او ينبع من الفكر مباشرة ،
ولذلك فهو لا يكون أبداً شبيهاً أو حتى ممتداً من حرية الرأي التي
ينادي ويطالب بها الجميع اليوم ، فتلك تختلف أختلافاً جذرياًعن جلد الذات ولا تمت بصلة إليه ، وقد يكون جلد الذات جلدً فردياً أو جلداً جماعياً وما يحصل اليوم من بعض الجنوبيين هو جلداً للذات الجماعية ، ذات الوطن الجنوبية التي يجب ان تبنى بالفكر ووالثقافة والديمقراطية الحقيقة ، وليس بجلد الذات والتوغل في أساليب النكران والجحود والاتهامات الباطلة التي تهدم ولا تبني وتحطم ولا تنقد انتقاداً بناءً .
وبدون أي إسهاب او مقدمات يبقى القول والكلمة والرأي والرأي الاخر هي الحرية المطلوب فهما ومعرفتها و تطبيقها من قبل عامة الناس وخاصة السياسيون وحملة الرأي والافكار ، فحرية الرأي لا ترتبط أبداً بعلم الشخص او مكانته الاجتماعية او قبيلته او سلطته ، بل هي سلوك وأخلاق تنبع من فكر الشخص نفسه وتكون ترجمه واضحة لمدى وعيه وإداركه بحرية الاخرين التي كفلتها لهم حريته التي يراها مقدسة بالنسبة له قبل ان تكفلها القوانين .
ولحرية القول والكلمة أدبياتها التي تتوقف عندما تبداء حرية الاخرين ، فلا يمكن أن تسمح حرية الرأي لشخص ما أن يهاجم من يريد أوأن يلغي حرية الاخرين لمجرد أنه يحمل رأياً ما أو لديه فكرة تعارض فكرة الاخر .
وكما ان الشخص قد يهاجم حريته او ذاته بشكل أو بآخر لمجرد اسباب واهية وبسيطة جداً نتيجة لعدم قناعاته الشخصية والسياسية ، فكذلك يفعل بالنسبة لتعامله مع حريات الاخرين ، وفي هذا الاطار يأخذ الامر بالدخول في عملية “جلد الذات” المفردة ، ومثلها جلد الذات العامة والتي نقصدها في هذا الموضوع ، ويعتبر جلد الذات في ظل وجود دلائل واثباتات عمل منافي لمصلحة الوطن ومصلحة الشعب ، ولكن الاخطر من ذلك أن ياتي جلد الذات في ظل لا شيء أو لمجرد نزوة أو تصنيف .
فالوطن هو الذات الذي يجمعنا وهو في الاساس ذاتنا التي نبنيها بأراءنا ونبحث فيها عن ذواتنا وعن قواسم مشتركة تجمعنا بالجميع في ظل الوطن أوالثقافة أو الدين أو حتى المنطقة .
الذات النضالية في ظل الجنوب ..!
جنوبنا الحبيب ، وقضيتنا السياسية العادلة ، ونضالنا في ظل ثورة حراكنا السلمية الديمقراطية ، وهدفنا الاستراتيجي “فك الارتباط” ، وكل الاشياء والاحداث في الجنوب اليوم تستوجب وتحتم عليناجميعاً أن نكون بحجمها وان نستوعب ما يحدث ونفهم تفاصيله وابعاده ، لا شيء يستدعي منا أن نجلد ذواتنا وان نترك الفرص التأريخية الكفيلة بانقاذنا تذهب هدرا ، تتردد الكلمات ، وتتسابق التنظيرات ، والكتابات الصحفية ، هجوم هنا وهجوم هناك ، واتهام هنا واتهام هناك ، كل ذلك يحدث دون أي دلائل أو اثباتات ، نقدم للمحتلين اطباقاً من الذهب ما كانوا ليحصلوا عليها ،هناك موضوع صحفي وهنا تصريح آخر ،هجوم ووجوم وعبث بكلمات حرية “الرأي” وتطبيقها بالطريقة الخاطئة .
كل ذلك يحدث دون ان يدرك بعض الجنوبيون ان المخطط اكبر وان الاحداث متداخلة جداً، وليس مجرد نظرة عابره في شاشة قناة فضائية او خبراً على صدر صحيفة ما أو موقع إلكتروني ، فخلف الكواليس ما خلفها و منها ما لن يعرفها احد إلا بعد سنوات طويلة من الزمن .
الذات الفردية ..والذات العامة ..
عندما نتحدث عن الذات نتحدث عنها من ناحيتين الاولى هي “ذات الفرد الجنوبي نفسه” والاخرى “ذات الجنوب” الذات العامة ، ذات الوطن ، ذاتنا جميعاً التي لنا فيها مكاناً ، شئنا أم أبينا ،هو الوطن الجنوبي الذي نعيش أحداثه وأفراحه وأتراحه وتفاصيله كل دقيقة تمر علينا من أعمارنا ، بيئتنا التي نتبادل معها تفاعلاتنا وحواسنا ونبض قلوبنا .
فذاتنا الجنوبية هي لنا وليس لغيرنا وليس لقوى الاحتلال أي صلة بها ،ومصير هذه الذات أوالروح أو حتى الشخصية الجنوبية هو مصير واحد ومسيرة حياة واحدة ، ومن أجلها يجب ان نكون ويجب نكبر ، فأختلاف الاراء وأختلاف التعبيرات والكلمات يجب أن تحترم ،ولكن يجب أيظاً أن لا تخرج عن إطار مصلحة هذه الذات الجنوبية الواحدة .
سياساتنا في ظل جلد الذات ..!
قد يصبح العناد عادة او سلوك يتصف بها شخص ما ، كما يصير عدم التراجع او التنازل أو الاعتراف بالخطاء ،سواءً الخطأ الفعلي أو الخطأ في الرأي سلوك أو اسلوب متبع لدى شخص دون أدنى ترتيبات أو تطبيقات أو مراجعه في ظل القوانين المحددة والدالة على الحرية وحرية الرأي والفكر ،
وكما ان السياسة باتت اليوم تربطنا برباطها الوثيق فقد صارت سياساتنا ممزوجة بخلط كبير بين حرية الرأي وأحترام أراء الاخرين وكذلك جلد الذات وتحطيم نسيجنا السياسي وتقاربنا المشكل في إطار طريقة النضال والهدف الذي نحمله .
فلا يمكن ان يكون جلد الذات سياسة ، ولا يجوز ان يكون او يصير عادة ملتصقة زوراً وبهتاناً بحرية الرأي والفكر ،فجلد الذات التي نتحدث عنها هي فعلاً خطيرة وتتعلق او تتصل بفكر الشخص نفسه او الاشخاص أنفسهم ، كما ان جلد الذات يختلف تماماً عن “الانتقاد” فهو تحطيم ذاتي وقمع وحشي لفكر الشخص ذاته الذي لن يكون حراً إلا بوجود حرية فكر أو افكار أخرى ، وقمع جلد الذات للفكر الصحيح هو قمع أشد من قمع الالات العسكرية الحديثة ، فهو يعمل على تحطيم او عدم ترك مجال للفكر في تقبل أراء وحريات الاخرين بكل سعة صدر وبعد نظر .
فالفكرة التي يحملها هذا الشخص غير التي يحملها ذاك الشخص لكنه قد يكون للفكرتين نتيجة نهائية واحدة .
ولهذا نقول ونرددها مراراً بانه يجب أن نختلف ونتباين في الاراء والافكار وأن ننوع في الوسائل والطرق ولكن يجب ان نعي ان ذلك الاختلاف او التباين يجب أن لا يخرج عن إطار الذات العامة ومصالح الجميع المستقبلية .
فنحن مشتركون في المصير والقدر ولن يصيب شخص ما يخطئ الاخر ، فمستقبل الجميع واولادهم في الجنوب والنضال هو نفس المصير . ويجب ان نعي ذلك جيداً وأن لا نتبع أهواء الحماس والتضليل الذاتي ونتحول إلى نماذج شمشونية هدامة.

“بالتزامن مع صحيفة القضية “