fbpx
غلاء المهور .. عائق يحرم الشباب من الزواج
شارك الخبر

كتب: محروس رسلان ..
يُعد غلاء المهور وحرص الناس على التفاخر به أحد الأسباب التي دفعت سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل 14 قرنًا من الزمان إلى اتخاذ قرار حاسم فيما يتعلق بتحديد مقابل معين للمهور تتساوى فيه جميع النساء خشية منه في أن يتسبّب غلاء المهور في عرقلة الزواج الذي يُعد قوام استقرار المجتمع، غير أن تلك المشكلة تتجدّد خاصة بعد توافر الإمكانات المادية لدى الكثير من الأسر ما ساعد على ظهور هذه المشكلة من جديد.
راية الإسلام تعرض المشكلة على الخبراء والمختصين لتحاول الوصول إلى الحقيقة بهدف معرفة ما إذا كان غلاء المهور عائقًا حقيقيًا أمام المقبلين على الزواج أم شماعة يلقى عليها تراجع نسب الزواج في المجتمع عما كانت عليه مسبقًا.
بداية قال الدكتور عبد الحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة الإسلامية الأسبق: إن الدين الإسلامي مع تيسير المهور وضد غلائها، وهو شيء معروف طالما أذاعه الدعاة والفقهاء حينما يعرضون لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “أقلهن مهورًا أكثرهن بركة”.
وأضاف: رغم ما تقدّم إلا أنني يمكنني القول بأن غلاء المهور لاعلاقة له بعزوف الشباب عن الزواج خاصة عند القطريين، ذلك لأنني من وجهة نظري لا أرى أن هناك عقبة مادية، رغم أنني ألاحظ وجود تأخر في الزواج عند الجنسين والسبب ليس في غلاء المهور، بينما ترجع الأسباب الحقيقية إلى أن المجتمع القطري تطور اجتماعيًا وهذه الظاهرة، وهي تاخر سن الزواج، سمة مرتبطة بحالات التحول المجتمعي؛ لأن الشاب يريد أن يكوّن نفسه، وبالتالي فلا يتعجل على الزواج كما أن الفتاة صارت ترغب في إكمال تعليمها، وبالتالي الزواج لم يعد المطلب الأول ولم يعد يشكل الأولوية بالنسبة للشباب والفتيات على حد سواء.
وأشار إلى أن الزواج رباط مقدس ولذلك فهو يَضع قيود المسؤولية على الشاب الذي بات يهرب من تحمّل المسؤولية في سن مبكر وبالتالي عند مفاتحته يقول: “بعدين”، لأن ما يدور بخلده: لماذا أضع في رقبتي ما يقيّد حريتي؟.
ولفت إلى أن سبل إشباع الغريزة الجنسية ولو بطريقة غير شرعية باتت سهلة ميسّرة، ومتاحة في الكثير من دول العالم عند من يستطيع السفر إلى الخارج.
وقال: لا شك في أن معدلات الطلاق العالية باتت تسبّب قلقًا بالنسبة للشاب الذي يرغب في الزواج، مشددًا على أن غلاء المهور شماعة نعلّق عليها عزوف الشباب عن الزواج وهي سبب غير حقيقي نظرًا لأن الكثير من الشباب والعائلات القطرية أثرياء وبالتالي لا يمثل غلاء المهور عائقًا بالنسبة لهم، مؤكدًا أن التحول الاجتماعي سبب عزوف الشباب عن الزواج وليس المهور.
وعن سبب اتجاه الشباب إلى الزواج من الأجنبيات العربيات والمسلمات بشكل عام أكد الأنصاري أن السبب لا يرجع إلى انخفاض مهور هؤلاء الفتيات وإنما يرجع إلى أن المجتمع القطري فيه اختلاط أجناس، وبالتالي يتيح ذلك للمواطن القطري أن يتعرّف على الفتاة جيدًا ويقتنع بها ويحدث هناك نوع من التفاهم المشترك وهو غير الممكن مع القطرية، نظرًا لأن المجتمع القطري مجتمع محافظ مازال يفصل بين الجنسين والزواج فيه لا يقوم على حرية الاختيار.
من جهته أكد الدكتور محمد حسن المريخي إمام وخطيب جامع عثمان بن عفان أن قلة المهور هي الشرع الحنيف الذي ارتضاه المولى عز وجل، مشيرًا إلى أن رفع المهور حرام، كونه يستبب في إعاقة الزواج، مبينًا أنه إذا يُسر أمر الزواج تنتشر الأخلاق الكريمة وتذهب الجريمة ويأمن المجتمع ويتحقق الاستقرار.
وقال المريخي: نعم يمثل غلاء المهور عائقًا حقيقيًا أمام الشباب وباتت الفتاة تقول: أوافق على فلان على أن يعطيني 200 ألف ريال؛ بحجة غلاء الأسعار وهو ما أدى إلى هروب الكثير من الشباب القطري من القطريات بالذات.
وأضاف: إذا تُرك الشباب بدون زواج والنساء أيضًا يخشى على الجميع الفتنة، ما يسبب خطرًا على المجتمع؛ لأن الله ركب الغريزة والشهوة في عباده ولم ينزعها منهم، فلابد أن تقضي هذه الغريزة؛ ولذا أحل الله سبحانه الزواج وأمر بتسيير أموره وأحواله حتى يَسد بابًا كبيرًا من البلاء على المجتمع.
وعن اتجاه الشباب القطري إلى الزواج من الأجنبيات العربيات أو المسلمات، علق المريخي بقوله: نعم وجد الآن شباب يتزوجون بمهور قليلة جدًا من بلاد عربية وإسلامية وهذا في الحقيقة وإن كان زواجًا شرعيًا نباركه، إلا أننا نأسف لأن القطريات تركن بلا زواج، بما كسبت أيديهن وأيدى أوليائهن .
وشدّد المريخي على أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المثل الأعلى زوَّج السيدة فاطمة من علي، وأمهرها علي درعًا حطمية غنمها في إحدى الغزوات.
مضيفًا: نعم من حق المرأة أن تطالب بالأشياء الضرورية للزواج وليس الكماليات، أما التباهي بثمن الساعة والحذاء فهو حرام وإسراف وتبذير وإضاعة للأموال في غير محلها، والله تعالى يقول:”ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين”.
ويرى الشيخ أحمد البوعينين إمام وخطيب مسجد صهيب الرومي والمأذون الشرعي لمنطقة الوكرة أن المهور ليست عائقًا أمام الشباب اليوم، وإنما ما بعد المهور مثل الحفلات والقاعات.. إلخ هو ما يمثل عائقًا حقيقيًا نظرًا للتكلفة الكبيرة الملقاة على عاتق الشباب، مؤكدًا أن متوسط المهور في المجتمع القطري هو 100 ألف ريال، مشيرًا إلى أنه مبلغ بسيط مقارنة بغلاء العصر الذي نعيشه.
وأوضح البوعينين أن مسألة المهور لم تحدَّد في الإسلام بمبلغ معين وإنما هي تحدد حسب الاتفاق، حيث تتحكم فيها الأعراف بشكل كبير، كاشفًا أن المهور في المجتمع القطري متوسطها العام يترواح بين 80 إلى 150 ألفًا، وأحيانًا 300 ألف، وأحيانًا يضع الزوج 300 ألف ويرفع يده عن باقي التكاليف، أما الطبقة العليا من الأثرياء ومن في حكمهم فتكون المهور فيما بينهم أكثر من 300 ألفا، مؤكدًا أن المهور تتغير بحسب المكان والزمان.
لافتًا إى أن العصر تغير عما سبق، وما تزوج الآباء عليه قديمًا لا يتناسب مع الشباب اليوم، مشددًا على أن صورة المهور بشكل عام في المجتمع القطري تدل على أنها ليست مرتفعة، وإن كان هناك بعض القبائل التي تحدّد المهور.
من جهته قال الدكتور عبد الناصر صالح اليافعي أستاذ الخدمة الاجتماعية المشارك بجامعة قطر: إنه ينبغي علينا أولاً أن نحدّد، هل غلاء المهور أمر مفروض أم اختياري، لافتًا إلى أن غالبية المهور تذهب إلى مصاريف الزواج، مشيرًا إلى أن من يشتكون من غلاء المهور هم سبب رئيسي في إيجاد غلاء المهور.
وأضاف: غلاء المهور موجود بالفعل؛ جزء بسيط منه مفروض والغالب أنت من تساعد على إيجاده، لأنه عندما يريد المواطن زواج ابنه يُطالب بخفض المهور وعندما يزوج ابنته لا يتنازل، مؤكدًا أن غلاء المهور بات قضية تنافسية تهدف لإيجاد بدائل وخطوات معينة.
وعن اتجاه بعض الشباب القطري إلى الزواج من أجنبيات عربيات أو مسلمات علّق اليافعي بقوله: هذا الكلام غير صحيح لأن نسبة الشباب القطري المتزوج من الأجنبيات قليلة جدًا مقارنة بالزواج من القطريات، وهو تقليد موجود في جميع دول العالم حيث تكون أعلى النسب في المواطنين الذين يتزوجون من المواطنات في جميع دول العالم .
وحمّل اليافعي الأسر القطرية المسؤولية عن غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج، مؤكدًا أن هذا الغلاء يتسبّب بالفعل في تأخير الزواج، مشددًا على أن الأسرة القطرية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن ارتفاع المهور وتكاليف الزواج في المجتمع القطري .

أخبار ذات صله