fbpx
أغار من نسمة الجنوب

 

أغار من نسمة الجنوب

بقلم/ سارة عبدالله حسن

واهم من يستهين بأبناء المحافظات الجنوبية ، الذين قاوموا أقوى امبراطورية في العالم و اعادوا جنودها خائبين الى بلادهم بعد حكم طال لم يهنأوا فيه و يستكينوا بسبب المقاومة الشديدة لأهلنا في الجنوب.
بريطانيا العظمى التي جعلت من عدن الساحرة ( في مواصفات ذلك الزمان ) تحفة جميلة لم تستطع بكل الدلال الذي قدمته للمواطنين ان ترشوهم ليتنازلوا عن حريتهم و كرامتهم مقابل النعيم الذي كانوا فيه أيامها و حياة المدنية و الحضارة التي تفوقت فيها عدن على بيروت والقاهرة و قاربت مستوى كثير من المدن الأوربية كل ذلك لم يكن ليثني الجنوبيين عن نيل حريتهم ، ولا أعلم أي نظام هذا الذي يعتقد انه سيقدر اليوم على ما لم تقدر عليه بريطانيا في أوج قوتها ؟.
ليس لأحد من حق سواء هنا في اليمن أو خارجها ،ليس لأحد من حق سواء بالسلم أو بالقوة ( كما يهدد الواهمون بالحفاظ على الوحدة بقوة لا شك انها ستتلاشى و تغدو سراباً أمام صمود نضالهم ) ليس لأحد حق سوى الجنوبيين أنفسهم ان يقرروا مصيرهم ، هم وحدهم أصحاب الحق في الابقاء على الوحدة ، أو الذهاب للفيدرالية أو ما يرونه مناسبا لهم سلمياً .
من سيقاوم رغبة الجنوبيين في هذا الحق لن يكون الا صورة أبشع للمحتل البريطاني حيث لا دولة نظام و لا مدنية و لا أمن و لا حياة مستقرة متطورة كما كان الحال أيام بريطانيا!.
نقول لكل من يحب الجنوب و يريد الحفاظ على الوحدة أعيدوا حساباتكم جيداً و أسكتوا الأصوات التي تريد ان تفرض علينا خيارها بالقوة.. ادعمونا لاستعادة حقوقنا المنهوبة واحترموا انسانيتنا بما تملكون من انسانية نحن لسنا رعية شيخ ولا قطعة أرض تتنافسون على تحويل ملكيتها من شخص لآخر ، نحن شعب و دولة متطورة أعادها النظام السابق ألف عام الى الوراء ولا تنجروا الى العبارة السياسية المتدوالة .. عبارة ( القضية الجنوبية ) نحن أكبر من مجرد قضية … الجنوب ليس قضية صعدة و لا قضية زواج الصغيرات ، المحافظات الجنوبية أكبر و اعمق من كل هذا بكثير ،انها ليست كأي (قضية) انها مأساة شعب وجد وطنه مسلوباً بين ليلة وضحاها .
و أقول للجنوبيين الأحرار أيضاً لا تخلطوا أوراقكم بأوراق صعدة و لا أوراق الحوثي بحجة انهم عانوا مثلكم من الاضطهاد و الظلم ،لا تساووا قضيتكم ، بقضية طائفية في الدرجة الأولى ، لا تساووا نضالكم السلمي بتمردهم المسلح ، و لا تدعوا ايران تحتلكم (و لو بصورة غير مباشرة ) بدلا من أي نظام آخر ، لا تكونوا كسيف بن ذي يزن الذي جلب الفرس ليستعين بهم على الأحباش فأخرج اليمن من احتلال لأسوأ !.
لا تدعوا الجنوب العظيم و لا عدن الحرة مطية لصراعات قادة باعوا و اشتروا في مآسيكم من فنادق الخمسة نجوم و قصور اوروبا و بيروت !.
لا تصدقوا خداعهم لكم بأن الحل باتباعهم و أنهم وحدهم من سيعيد لكم حقوقكم المسلوبة التي كانوا هم أول من سلبها منكم.
اقتربوا من روح عدن … عدن الثقافة و المدنية و احتواء الآخر واحتضان الجميع في سلام و وئام … عدن التي نغار عليها من ابنائها المتهورين و أدعياء النضال فيها ، قبل ان نغار عليها من هؤلاء الذين لا يخفون أطماعهم و غطرستهم كلما رأوا اصرار أهلها على مقاومة أحلامهم المريضة ، كما نغار على الجنوب كله و اليمن كلها من هبة نسيم جارح قد يؤذي محياها الجميل !.
كونوا مستعدين للحوار دون قيد أو شرط …ضعوا القيود والشروط أثناء الحوار لا قبله ، لا تقفلوا أبواب الحلول منذ البداية اتركوا مساحة للتفاوض و الحوار و مساحة للحل و مسافات ، و لا تقفوا وحدكم ضد التيار ، فالعزلة و التشدد سيضيع حقوقكم في ظل مبادرة باركها العالم و لم يبارك أي حل متشدد من قبلكم كالانفصال ، اعطوا الحلول الأخرى فرصتها فإن فشلت في التطبيق على الواقع فلن يلومكم احد بعدها في كل ما تطلبون .