fbpx
الفتاوى الدينية التكفيرية وأضرارها الاجتماعية الخطيرة 1

الفتاوى الدينية التكفيرية وأضرارها الاجتماعية الخطيرة 1

الشيخ عقيل السنيدي

انتشرت هذه الأيام وفي السنوات الماضية  الفتاوى الشرعو سياسية من بعض علماء الشطر الشمالي من اليمن وبعضا من علماء الدول العربية والذين يصدرون هذه الفتاوى التكفيرية المبرمجة والغير خلاقة ضد شعوبهم وبالذات ضد شعب الجنوب الخالي من الطوائف الأخرى المتمسك بالكتاب والسنة .

 وأحيانا تصدر الفتاوى التحريضية تارة أخرى بناء على إيعاز من الحاكم ضد المحكومين والمظلومين من أبناء الجنوب تحت مبرر الطاعة والولاء لولي الأمر بغض النظر عن الأفعال التي يرتكبها ولي الأمر بحق شعبه وبحق من يحكمهم من أبناء الجنوب .  

  وهو يدرك جيدا النتائج الوخيمة المترتبة على هذه الفتاوى . همهم الوحيد هو أرضاء الحاكم ولا يهمه الأضرار التي سوف تلحق بمن يكون الفتوى فيه . أكان هذا الفتوى ضد فرد أو جماعات أو أحزاب وربما ضد شعب من الشعوب كما حصل عندنا بالجنوب . لان الحاكم أراد بذلك الفتوى تحقيق ما لم يستطيع تحقيقه بالوسائل الأخرى التقليدية .

أراد الحاكم أن يمتطي جواد العالم الديني ليس من خلال ضعف العلم الشرعي عند العالم وهذا مستبعد لأن تصنيف العالم لا يأتي إلا بعلم العالم للأمور الشرعية برمتها ولكن ربما من خلال الوازع القبلي أو العشائري أو الشمولي الذي يطغى على الوازع الديني أحيانا عند المفتي أو الولاء الأعمى للحاكم والخوف من ضياع المصلحة الخاصة للحاكم وفقدان أو تأثر المصلحة العامة للشعب الذي ينتمي إليه حسب ما يصورها ويفرضها الحاكم على المفتي حتى وأن كانت هذه المصلحة تستفيد منها فئة أو جماعة أو شعب ينتمي إليها الحاكم والمفتي معا .

ويكون ذلك على حساب الفئات أو الجماعات أو الشعوب الأخرى اللذان لا ينتميان إليها والمغلوب على أمرها والتي يحكمها الحاكم الغير عادل بشهادة هذا العالم الديني أو ذاك حاليآ .

 أما بالأمس فكان عدل هذا الحاكم يبلغ الآفاق في جميع أنحاء المعمورة وخاصة في صيف 94 عند ما كفروا الناس واستباحة دماء من يخرج على طاعة ولي الأمر لأي أمر كان .

بعد ذلك اختلت الموازين فيما بينهم واستشرى الخلاف إلى حد أن الحاكم العادل بالأمس والمستبد والطاقية اليوم قد ضرب في قصره الضيق المكون من غرفتين وصالة اجتماعات وحمام أعزكم الله والذي لا يكاد يتسع لأسرة مكونة من عشرة أشخاص وهو ما يدل على عدل هذا الحاكم وزهده بالمال العام  وكاد أن يفقد حياته في عقر داره والمتهم فيها أصدقاء العالم الديني وحزبه .

بعدها قام العالم الديني ( الشيخ عبد الوهاب الديلمي ) وبعض العلماء الخارجين عن ولي الأمر حاليا والذي كان محرما علينا بالأمس  ومن على منصة ساحة التغيير التابعة لثورة الشباب السلمية بالعاصمة صنعاء ومن على قناة سهيل الفضائية بإصدار فتوى يجيز فيه خلع الحاكم الذي اصدر الفتوى السابق من اجله ومن اجل من ينتمي إليهم ضد أبناء الجنوب الذين كان يحكمهم الحزب الاشتراكي اليمني أبان حرب صيف 94 المشؤمة بحجة شيوعية هذا الحزب وماركسيته وتناسى أن هذا الحزب هو اليوم شريك أساسي في تكتل اللقاء المشترك والسلطة معا . وأخذ يفند المظالم والمذابح التي أرتكبها الحاكم عفاش في شعبه وشعب الجنوب. وما أشبه اليوم بالبارحة . أنقلب السحر على الساحر .

وكذلك من الأسباب التي أن وجدت ولا نؤكد وجودها هيا أرضاء الحاكم والتقرب إليه واللهث وراء المنفعة الخاصة التي قد يحصل عليها المفتي الديني يوما من الأيام . أن صدق معه الحاكم رغم شكي بذلك .

الصنف الثاني  فتاويهم عبارة عن اجتهاد شخصي يغلب عليه الحماس الوطني والثوري الغير مدروس ولم يراعي فيه النتائج التي قد تحصل من وراء هذا الفتوى أو ذاك ربما  عن قصد أو جهل أو خوف خلطوا الحق بالباطل والدين بالسياسة , وجعلوا من السياسة غاية يصدرون الفتاوى الدينية من اجلها في بعض الأمور وليس كلها .

أخفاقات كبيره يقع بها هؤلاء المفتون يرونها صغيرة وبسيطة  , ولكنها عند الله سبحانه وتعالى كبيرة  ونتائجها سيئة ومريرة لمن يكتوي بنارها وربما يدمر أي مجتمع  من المجتمعات بسبب فتوى غير مدروسة النتائج والعواقب .

وظاهرة الفتاوى منتشرة في أنحاء الوطن العربي ويسمون هؤلاء بمفتين الأنظمة العربية المتسلطة على شعوبها. وليست دخيلة على المجتمع اليمني عموما وشعب الجنوب على وجه الخوص . إنما هيا مستمرة وأصبحت الفتاوى جاهزة وموضوعة على الرفوف  كما يريدها الحاكم . وبعضها تصدر لأسباب ركيكة ويمكن معالجتها ولا تحتاج إلى فتاوى دينية من هيئة العلماء وما أكثر التسميات التي ينتمي إليها هؤلاء المفتون باليمن .

نحن عند ما قررنا المناقشة والاستبيان لظاهرة الفتاوى الدينية ضد أبناء الجنوب نناقشها على المستوى الاجتماعي والسياسي والأضرار الناتجة عنها .

أما الجانب الشرعي والحكم عليها  لست عالما شرعيا ولا مؤهلا في أن أتبنى الرد على هذه الفتاوى الشرعية حتى وأن كانت مخالفة للشرع  .

 فالعلماء الشرعيون من أبناء الجنوب والمشايخ وأئمة المساجد  هم المخولون فقط دون غيرهم بمناقشة هذه الفتاوى والرد عليها بفتاوى مماثلة وفقا والحجج الشرعية الدامغة لأبطال هذه الفتاوى ضد الجنوب وأبناءه .

مع العلم إننا لا نحب أن نسب أو نشوه بمن ظلمنا في فتواه  ولا نجرح أو نكفر علماء الدين . لأنهم كما قال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام . أن العلماء هم ورثة الأنبياء . أو كما قال عليه أفضل الصلاة والتسلم . حتى وأن تجنوا علينا ولا ينبغي لأي جنوبي أن يفعل ذلك درءا للمعاصي والذنوب التي سوف ينالها من جراء ذلك السب والتجريح .

لأن العالم الديني مهما كان انتماءه إذا أفتى في أي أمر من الأمور الشرعية لأي سببا ما أن أصاب فله حسنتان وأن أخطى فله حسنة واحدة . بشرط أن يكون هذا الفتوى خالص لوجه الله الكريم ومبني على اجتهاد شخصي من المفتي القصد منه تنفيذ ما جاء بالكتاب والسنة النبوية وما يعود بالنفع على جميع المسلمين وليس العكس كما هو الحال باليمن وفي بعض الدول.

 وكذلك لا تدخل فيه الاملاءات السياسية والحزبية والقبلية وتعليمات الحكام المستبدين لشعوبهم الذين لا يجيد البعض منهم سوى قراءة سورة الفاتحة حسب ما هو جاري حاليآ بالوطن العربي .

وفي حالة أن يكون المفتي قد أفتى بقصد إرضاء الحاكم والناس أو لأي شي قد يحصل عليه . ففتواه لما أفتى من شانه . وهو مردودا عليه ويعد مخالفا للشرع  فهو يدرك العقوبة الشديدة التي سوف ينالها من الخالق سبحانه وتعالى قبل غيره من عامة الشعب بالدنيا والآخرة ولكنه قد تجاهلها .

كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم آياته .

( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

من أراد أن يرضي العباد ويعصي رب العباد من هؤلاء المفتون فهنيئا له سخط الجبار . وغضب الرحمن . في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنين إلا من أتى الله بقلب سليم .

والله من وراء القصد   .  

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نتناول في المقال القادم الفتاوى التكفيرية ضد الجنوب وأضرارها الاجتماعية بين الشعبين وهل هيا حرب عقائدية كما يرى السواد الأعظم من أبناء الجنوب ؟.