fbpx
إرهاصات الحرب .. لا السلام .. هل تتوقف ؟

رحم الله القيادي والشاعر ” عوض الحامد ” عندما قال  : “من كوخ طــــلاب الحياه ** كوخ الوجوه السمر شاحبة الجباه –  يتصــارع الضدان

لا المهزوم يفنى** كلا وليس المنتصر ضامن بقاه ) .

الجميع مشغولون بما يجري هذه الايام، والكل متخوفون من قادم مخيف يلوح في الأفق، ومعهم الحق في ذلك، ليس لأنهم باتوا يدركون ان الحرب قادمة فقط، بل لأن ما يجري حقيقة هي ارهاصات الحرب بكل ما تحمله المرحلة من تطورات متسارعة .

وما لم تتحرك القوى الوطنية، والسياسية  لحل عاجل، يخرج الشمال من حروبه، ويمنع أي توسع لها الى الجنوب، فقد تقع الفأس في الرأس، خاصة وان هذه الحرب القادمة، والتي تبدو مؤشراتها واضحة، هي حرب ليست لهدف نبيل، بل حرب لأجل الحرب، لكونها متعددة الاطراف والمشاريع، ، وليست معلومة الهدف، بقدر ما هي عبثية ومكابرة تسعى لطحن الشعبين المطحونين في اليمنين الشمالي والجنوبي  .

صحيح أن – التاريخ –  يعيد نفسه، طالما وجد مشعل الحرب ومسعرها ” صالح ” والذي يعيش على الأزمات والقلاقل، فإن الامور لن تكون بخير. خاصة مع بقاء هذا الرجل الملطخة يديه وتاريخه بالحروب والقتل والدمار، والذي يريد ان يقول للجميع، ان عهده البائد أفضل من أي عهد قادم، وان شلته وعصابته  هم الوحيدون  القادرون على  الحكم .

إن ارهاصات الحرب التي يجب على الجميع ايقافها، ووضع حد لعدم اندلاعها ، هي الحشود والتجييش والتجييش المضاد، وتقاطر الدعم والاموال الخارجية لدعم اطراف الخلاف العسكري والسياسي باليمن .

فالسعودية وإيران، اللتان دمرتا عددا من البلدان العربية، ها هما ينتقلان الى اليمن لخوض جولة جديدة من التدمير، رغم ان بإمكانهما ان يكونا عاملاً مساعداً للحل السياسي والسلام  إذا ما كانا جادين في مواقفهما .

اضافة  الى تلك الارهاصات، انسداد الأفق سياسياً، واستقواء طرف او اطراف ضد طرف آخر، فالقوى النافذة في شمال اليمن المتصارعة مع بعضها، لا سيما ” العفاشيون والحوثيون  والاصلاحيون ”  تدفع بقوة نحو الحرب، ومنها مسلسل، إعادة ظهور صالح ، صاحب الحرب الاولى على الجنوب وحلفاءه، والتي كانت سببا في كل ما يحدث اليوم، معلناً الحرب مجدداً على الجنوب، في حين كان بمقدور الحوثيين الذين يسيطرون على الشمال، أن يلجموا هذا المغرور، لكنهم في الحقيقة، هم ارادوا ظهوره ليريدوها رسالة لكل من يطالب باستعادة دولة الجنوب من الجنوبيين، غير مستوعبين ان الشعب الجنوبي ارادها ثورة سلمية مستمرة ولا تزال وستبقى، غير انه لن يقف مكتوف الايدي للدفاع عن نفسه في حال تطلب الأمر ذلك.

والحقيقة تقول، ان الجنوب واقع اصلاً تحت الحرب الشمالية من طرف واحد، والمعلنة في 27 ابريل 94 وسارية المفعول حتى اليوم، اذ أنها لم تتوقف منذ 21 عاماً، غير امها تعددت الاشكال وتقلبت الصور، فمن حرب عسكرية غاشمة واجتياح كامل لأراضي ودولة الجنوب، إلى حرب الاقصاء والتهميش والابعاد القسري من الوظائف، وكذلك الى حرب النهب والسطو على الاراضي والمؤسسات والنفط والثروات ، وليست حرب القمع للمسيرات السلمية الثورية في الجنوب آخرها .

اما فيما يخص حزب الاصلاح، فصحيح انه تجنب الحرب والمواجهة بصنعاء ضد حلف ” الحوثيين وصالح ” وتعرض للتنكيل والملاحقة، لكن وجوده اليوم بعدن، الى جانب هادي، هو لترتيب حربه ضد خصومه، وخلط الأوراق على ” هادي “، الذي قد يدفع به الاصلاح لمواجهة ” صالح والحوثيين ” بإسم الجنوب، في حين ان الثورة الجنوبية التحررية السلمية تتمسك بسلميتها وتؤكد على نبذ العنف وترفض نقل صراعات الشمال الى الجنوب .       .

ورغم ان الجميع يدركون ان صالح ومن يتحالف معه الحوثيين او فصائل من الاصلاح ، لن يتمكنوا من إنجاز أي تقدم بالجنوب نتيجة تفكك منظومتهم وانهيار عرشهم، إلا ان الأمور تكشف ان ” صالح ” بات يستخدم ” الحوثيين ” كورقة ساذجة جديدة ضد الجنوب، مثلما استخدم حزب الاصلاح والمجاهدين العائدين من افغانستان في 94م، في حين حزب الاصلاح اضحى تيارين احدهما يتمترس خلف ” هادي ” المتواجد بالجنوب، للنيل من خصومه “الحوثيين ” بعد هزيمته في الشمال ، والاخر متفق مع الحوثة بصفقات سرية .

الداعين للحرب تأخذهم ” العزة بالإثم والعدوان “، لكنها في نهايتها لا يوجد بها منتصر ومهزوم، بل هي عدو التعايش الاستقرار وبناء المجتمعات والتنمية، ولها تداعيات واثار خطيرة ومدمرة.

الحرب – أي حرب في كينونتها، ليست حلاً للخلافات والصراعات، مع انها قد تكون احياناً مفروضة على طرف من طرف آخر، مثلما حدث في حرب غزو الجنوب عام 94م، لكنها تعد تأسيس لخلافات وصراعات جديدة لها عواقبها الوخيمة على المتصارعين المتحاربين كأطراف، وعلى الشعب واجياله القادمة .

ويحدثنا التأريخ، ان الحروب لم تكن يوماً اسلوباً للاستقرار والأمن، ولم تكن حلاً مجدياً للتعايش، والخطأ الذي يعالج بخطأ أكبر منه، يصبح كارثة نتيجة المكابرة والعناد والجشع الذي يسري في نفوس البغاة والظالمين .