fbpx
تجار الاستيراد والتصدير.. بين مطرقة باسلمة وسندان البنك الدولي

الغريب ـ ولا غريب إلا الشيطان ـ أن البنك الدولي سينظم ورشة عمل مطلع الشهر القادم في صنعاء حول تفعيل ميناء عدن ومطارها والمنطقة الحرة، عدن هي المعنية وساحة الورشة بطبيعة الحال ينبغي أن تكون هنا ومن غير المنطقي أن يكون الحديث عن عدن في صنعاء، وماذا لو أن الحديث عن صنعاء في عدن لارتفع الزعيق والنعيق إلى عنان السماء بمباركة دولية.

سنظل نحرث في بحر، لأن النظام الذي تعيشه البلاد نظام غير مؤسسي وأن الواقع الذي يعكسه هذا النظام ما هو إلا واقع رخو، لأن الدولة غير المؤسسية تسمى “الدولة الرخوة”، ولأن الدولة المؤسسية هي دولة رعاية weltare state، أما الدولة غير المؤسسية فهي دولة جباية، ونظام صنعاء لم يكن في يوم من الأيام دولة رعاية.

كان مطار عدن دوليًا واشتهر بين مطارات العالم كواحد من أكثر المطارات حركة من حيث المسافرين وتداول البضائع.. وفي العام 1965م كان الفارق ضئيلاً جدا بين مطاري عدن وطوكيو من حيث حركة الطيران، وتأثر بعد ذلك بفعل طبيعة النظام السياسي وتواري اقتصاد السوق وحركة السياحة.

وكان ميناء عدن من الموانئ التي نافست على المركز الثاني حينا والثالث حينا آخر. واكتسب هذا الميناء أهميته عبر التاريخ، وورد ذكره في سفر حزقيال بالتوراة.. وأرقام حركة الميناء موثقة لأكثر من قرن.

تأثر الميناء هو الآخر سلبًا جراء إغلاق قناة السويس من ناحية وانحسار تجارة الترانزيت بعد سنوات من الاستقلال من ناحية أخرى، وشكل العامل السياسي إضافة سالبة قوضت من حركة الميناء.

كانت فترة الوحدة الممتدة من عام 1990م حتى يومنا هذا فترة تيار معاكس بفعل فاعل سيئ من العاصمة صنعاء، فلا المنطقة الحرة انطلقت ولا معوقات ميناء عدن أزيلت.

تعشم القطاع الخاص في عدن ممثلاً بالغرفة التجارية الصناعية عدن خيرا بالدولة، اعتقادًا منه أن هناك دولة، وتعشم بالمانحين خيراً كجهة ضغط على نظام صنعاء، وخابت الظنون وخاب سعي العشاق، لأن نظام صنعاء أعلن في السنوات الخمس الأولى بأنه نظام فاشل أو دولة فاشلة، مع أنه (هبر) المليارات لمواجهة تحديات الألفية الثالثة.

وتبين أن نظام صنعاء لا يزال في خدمة قوى ومنظمات دولية تعمل في مخطط معاد للنظام العربي (خذ مثلا: العراق وسوريا وليبيا ومصر)، أما نظام صنعاء فإن تلك القوى متحالفة معه، وما المبادرة الخليجية إلا محاولة منها لإنقاذ نظام القبيلة في صنعاء.

عملت غرفة عدن عبر السنوات الممتدة من عام 1990م حتى هذا العام على عقد خمسة مؤتمرات لرجال المال والأعمال خلال الأعوام 1996 و1997 و1998 و1999 و2001، ونظمت الغرفة ونظمت مؤسسات دولية عشرات الندوات وورش العمل للنهوض بأوضاع المحافظة اقتصاديا، وخرجت بعشرات القرارات والتوصيات، وأظهرت السلطة المحلية والسلطة المركزية حرصا زائفا وذرفت دموع التماسيح في حب عدن.

لو ألقينا نظرة فاحصة على أوراق المؤتمر الوطني للإصلاح والتطوير الإداري والمالي عام 1999م في صنعاء لرأينا أن القطاع الخاص حدد رؤياه في الأداء الإداري للدولة ووضع يده على مكامن الجروح وحدد المعالجات الصائبة إلا أنها ذهبت أدراج الرياح.

وجرى الحديث عن معوقات الاستثمار في عدن عام 2004م وقطعت السلطة عهدا بإزالتها وكانت الوعود عرقوبية، وتحدد في العام 2005م، وقطعت وعودا بإنعاش الميناء والمطار والمنطقة الحرة وتدهورت الأمور بدلا من تقدمها.

عقدت غرفة عدن وشاركت في لقاءات وفعاليات عديدة منها لقاء الإثنين 4 يونيو 2012م مع مديري مطار عدن واليمنية (فرع عدن) وخرج اللقاء بعدد من المعالجات إلا أن القرار بيد المركز المعرقل لكل جميل، والآن يستعد القطاع ممثلا بغرفة عدن للقاء الأخ المهندس بدر باسلمة وزير النقل غدا الثلاثاء.

التجار المستوردون والمصدرون يقفون الآن بين مطرقة باسلمة وسندان البنك الدولي، وإلى أين ستسير السفينة بالقطاع الخاص وإطاره غرفة عدن؟.. الله وحده أعلم.