fbpx
الشمال والجنوب ..  إما تعزيز الاستقرار أو تعزيز الفوضى ..
شارك الخبر
الشمال والجنوب ..  إما تعزيز الاستقرار أو تعزيز الفوضى ..

مع تواجد عوامل النجاح للجنوب وكيفية إدارتها ؟  ..

الشمال والجنوب ..  إما تعزيز الاستقرار أو تعزيز الفوضى

كتب / المحرر السياسي لصحيفة “يافع نيوز : الورقية  :

ما ان ينفتح الأفق حتى يضيق مجدداً أكثر من ذي قبل، وذلك نتيجة لعوامل عدة وأسباب جوهرية، لا تزال غير مستوعبة لدى الكثير من القوى والساسة اليمنيين، واللاعبين السياسيين الكبار، ضمن المعادلة اليمنية  .

تتداخل المرحلة اليوم في اليمن وحتى في الجنوب، بما لا يتصوره احد من العامة، وذلك ضمن جملة من التقلبات والمستجدات التي ألقت بنفسها على الساحتين السياسية والميدانية.

ذلك يأتي وفقاً لما جرى مؤخراً، وخاصة بعد ان تمكن الحوثيون في صنعاء من إحكام سيطرتهم على المحافظات الشمالية وإلغاء خصومهم خارج المعادلة، مع إبقاءهم على مسافة بسيطة لا تكاد تذكر، واعتمادهم على سياسة ” إبقى ولكن لا تقرر ” .

تغيرت المعطيات، ولكن على ما يبدو لن تتغير النتائج، وهذا بحد ذاته، بقاء لمسارات تعزيز الفوضى والسير نحو الكارثة والتي لن تكون إلا وبالاً لن يستثني أحد، وخاصة لوجود حواضن تعمل بجهد لخدمة مشاريع التصارع الإقليمي، وكلها تأخذ شكلاً لصيقاً أنها تخدم ما يريده الشعب سواءً في اليمن الشمالي أو الجنوب، غير أن إدراك الشعب في الجنوب اليوم، يركز على كيفية تحقيق الاستقلال وبدء العمل جدياً من أجله .

من المؤكد ، ان الاستقلال الجنوبي، بات على وشك التحقق، لكن ذلك يحتاج إلى عمل دوؤب، وتواصل غير اعتيادي، وجهد سياسي كبير، وفي كل الاتجاهات، وذلك من اجل ان يكون ذلك الاستقلال عامل استقرار للجنوب أو للشمال الذي يحكمه الحوثيين اليوم، وحتى للمنطقة بشكل عام .

إن التغير السريع الذي ضرب عمق العملية السياسية، قلب الواقع اليمني في صنعاء، رأساً على عقب، وأوجد خوفا شديداً لدى طرفا او أطرافا إقليمية وخاصة المملكة السعودية ودول الخليج ومصر، ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من تمكن طرفا ( ايران  وروسيا) من السيطرة على اليمن، وبالتحديد اذا ما استطاعت إحكام سيطرتها على ( باب المندب الجنوبي) عبر الحوثيون الذي يتمددون بسرعة في محافظات الشمال، وينوون الوصول الى باب المندب، وهو المضيق ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية الكبرى، والذي يربط ( قناة السويس بالخليج العربي ) وخاصة ان باب المندب، بات المتنفس الوحيد لدول الخليج، بعد إحكام إيران سيطرتها على مضيق ( هرمز )  .

من هنا على الطرف اليمني الشمالي ممثلاً بالحوثيين، والحراك الجنوبي السلمي، إدارة المرحلة باقتدار، ضمن توازنات هي الوحيدة القادرة على تجنب الفشل، وتكرار صراع اقليمي بالنيابة قد تفرضه التدخلات الخارجية، وهو ما لا يريده الطرفين في الجنوب والشمال .

وما يخص الجنوب واستقلاله اليوم، لم يعد يخصه لوحده، بقدر ما يخص دولاً إقليمية وشقيقة، وحتى دولاً عالمية عظمى، لهذا سيكون التدخل الخارجي حاضراً، وهو ما سيوجد ( صراع مشاريع ) وبالتالي فإن مآلات الوضع تضل غامضة، وقابلة لمزيد من التعقيد، غير ان استقلال الجنوب عبر خارطة طريق مزمنة قصيرة، يوافق عليها ويلتزم بها الجميع، يظل هو الفرصة الأقرب لتحقق الاستقرار، وتجنب الدخول في فوضى محتملة، وسيناريوهات لن تكون سارة  .

 

وفي الحقيقة لقد مر الحراك الجنوبي منذُ انطلاقه في عام 2007 بالعديد من المراحل، وكانت مسيرة حافلة بالتضحيات والصمود المتواصل منذُ ذلك الحين.

نجح الحراك في الحفاظ على موقفه وموقعه وشعبيته رغم كل المؤامرات التي حاولت إجهاضه والنيل منه، سوء  كان من خلال استخدام القوة كما حصل في عهد الرئيس المخلوع “علي عبدالله صالح” عندما استخدم القوة وقتل وجرح الآلاف من أبناء الجنوب وحاصر وقصف المدن الجنوبية وحاول إلصاق تهمة الإرهاب والتقطع بالحراك ، أو من خلال اللف والدوران والحيلة التي استخدمها الحكام الجدد الذين ركبوا موجة ثورة الشباب اليمني في عام 2011 .

ورغم كل ذلك ظل الحراك ثابتاً على موقفه ووصل الحراك الى مناطق ومدن جنوبية أخرى وتوسع بشكل كبير وزادت شعبيته وبدأ يكسر التعتيم الإعلامي الذي فُرض عليه وحقق انجازات كبرى خلال السنوات السابقة وكل ذلك بفضل الصمود الأسطوري لشعب الجنوب الذي خرج في عام 2013 بأكثر من 12 مليونية اذهلت العالم والمتابعين للشأن الجنوبي وبفضل عدالة قضيته ومشروعية مطالبه .

اليوم بات الحراك الجنوبي يمتلك الكثير من عوامل النجاح والقوة بفضل صموده الأسطوري  والأحداث المتسارعة التي حدثت في اليمن عامة والجنوب خاصة، هذه  الأحداث المتسارعة على الساحة اليمنية والجنوبية وفرت الكثير من عوامل النجاح التي أصبحت عوامل قوة بيد أبناء الجنوب والتي إن تم استغلالها الاستغلال الأمثل ستؤدي بدون شك إلى تحقيق هدف شعب الجنوب وهو استعادة الدولة الجنوبية .

وفي الوقت الذي بات الحراك يتملك عوامل النجاح الكثيرة والمتعددة إلا  ان هناك مخاطر كبرى تهدد بنسفها، بل تهدد بتحويل الجنوب الى بؤرة صراع لتصفية حسابات إقليمية ودولية وقد بدأت ملامح ذلك تتضح من خلال تناول وسائل الإعلام اليمنية والعربية.

إن المخاطر الكبرى التي تهدد الجنوب ووحدة كيانه ما تزال قائمة رغم كل عوامل النجاح التي تحدثنا عنها سابقا فهناك خطر تحويل الجنوب إلى بؤرة صراع مذهبي وتحريض شعب الجنوب ضد الحوثيين على انهم الخطر القادم وان الجنوب شعب سني لابد ان يوقف التمدد الحوثي وقد بدأت وسائل الإعلام اليمنية ” الاصلاحية ” وبعض وسائل الاعلام العربية اللعب على ذلك الوتر وهو خطير جداً، كون قضية الجنوب مع الشمال سياسية بإمتياز وليست طائفية على الإطلاق.

اليوم تقع مسؤولية كبرى على عاتق القيادات والناشطين وحتى المواطن في الجنوب للحفاظ على عوامل النجاح وحسن إدارتها ومحاولة استدراك المخاطر والحذر من الوقوع في شرك ما يريده لنا الاعداء، حتى تتحقق الأهداف المرجوة وحتى لا يتحول الجنوب إلى بؤرة صراع مذهبية تأكل الأخضر واليابس .

إن المسؤولية الأولى تقع على عاتق قيادات الحراك الجنوبي لانهم وباعتراف الكثير من الناشطين وحتى القيادات نفسها هم المعضلة وأهم مشكلة إمام تحقيق ثورة أبناء الجنوب لأهدافها.

بل ان خلافهم هو السبب الرئيسي في عدم تعاطي دول الإقليم و العالم مع الحراك الجنوبي وقضيته وباعتراف المسؤول السياسي في السفارة البريطانية في اليمن حيث قال في لقاء جمعه بعدد من القيادات والناشطين ان مشكلة أبناء الجنوب هي عدم وجود حامل سياسي وان كل طرف يقول انه ممثل الجنوب وهذا الأمر لخبطنا وأصبحنا لا نعرف مع من نتعامل .

لذلك سرعة إيجاد حامل سياسي للجنوب في اقصر فترة ممكنه هو أول خطوه في الاتجاه الصحيح للإستغلال عوام النجاح التي تحدثنا عنها ما لم فإن الفرص لن تتكرر مره أخرى وعوامل النجاح ستتلاشى في ظل كل المخاطر التي تحدثنا عنها .

على قيادات الحراك بمختلف مكوناتهم وتوجهاتهم السياسية ان يقفوا احتراماً واجلالاً للشعب الجنوبي الصامد الذي حضر من كل حدب وصوب لإحياء مليونية ” الحسم ” يوم الثلاثاء الماضي بعدن وكذلك للجماهير الجنوبية التي ترابط في ساحة العروض على الرغم من صعوبة الظروف المادية للكثير منهم .

ان هذه الجماهير تحتاج الى ان تبادلها القيادات الوفاء بالوفاء والاخلاص بالاخلاص ولن يأتي ذلك في ظل التشرذم والضياع والتخبط الذي سيؤدي في نهاية الى فشل كبير للجهود التي قام بها ابناء الجنوب طوال السنوات الطويلة التي مضت.

لذلك وحدة الصف اليوم ليست مجرد استهلاك اعلامي او لقاءات في الداخل وسفريات واقامة في فنادق 5 نجوم بالخارج او مبادرات لقوى او مجموعات لتحقيق مكاسب سياسية وشهرة وحجز مقاعد، ان وحدة الصف الجنوبي اليوم مسؤولية تأريخية بل فرض عين على الجميع لأن الجنوب امام مرحلة ” اما يكون فيها او لا يكون ” .

نأمل ان نرى خلال الايام القادمة انفراجاً حقيقياً في ازمة القيادة ووحدة الصف الجنوبي، ما لم فإن على شباب الساحات المعتصمين في مخيم الحرية الصمود بخور مكسر ان يعدوا انفسهم لاختيار قيادات شابة من اوساطهم تدير المرحلة وتتجاوز قيادات الفشل والتيه .

 

  • المحرر السياسي – أديب السيد

 

 

أخبار ذات صله