fbpx
شرطة نسائية مدربة في مصر تتصدى لجرائم العنف ضد المرأة
شارك الخبر

يافع نيوز – الشرق الاوسط

بدت السعادة واضحة على وجهي نور وسلمى، وهما فتاتان لا تتجاوز أعمارهن الـ15 عاما، عندما جذبتهما شرطية مصرية من وسط الزحام ومررتهما ببساطة وليونة داخل سينما «مترو» وسط القاهرة، لتحميهما وغيرهما من الفتيات في ثاني أيام العيد من التعرض لتحرش الشباب المكدس أمام أبواب السينما، وهي الظاهرة التي تفاقمت أخيرا بمصر خاصة في الأعياد.
ففي مشهد غير معتاد، انتشرت عناصر الشرطة النسائية في شوارع العاصمة القاهرة وغيرها من المحافظات، وأصبحن مظهرا لافتا لكل المصريين خلال أيام عيد الأضحى، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبا كبيرا من المواطنين.
حاولت «الشرق الأوسط» الحديث مع ضابطة، وهي برتبة مقدم، إلا أنها اعتذرت بلطف وابتسامة، قائلة إنها لا يمكنها الحديث إلى الإعلام بغير تصريح رسمي من رؤسائها؛ ثم ذهبت لمواصلة عملها، والذي ربما شابه بعض «المنغصات»، حيث تناقل عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي خلال أيام العيد تعرض بعض أفراد الشرطة النسائية لمكافحة التحرش بذاتهن إلى بعض من التحرش؛ إلا أن الأمر اقتصر في أغلب الأحوال على مضايقات لفظية، وواجه المواطنون المتحرشين باللوم على الفور، مساعدين الضابطات الشابات في عملهن.
يقول اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد أول وزير الداخلية المصري لحقوق الإنسان، إن «نشر الشرطة النسائية المدربة يأتي في إطار تفعيل دور إدارة مكافحة العنف ضد المرأة للتصدي لكل الظواهر السلبية بحق المرأة في البلاد»، مشيرا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أمس إلى نجاح ذلك في «إحداث تراجع كبير وواضح لظاهرة التحرش هذا العام واقتصاره فقط على التحرش اللفظي».
وخلال السنوات الماضية تعرضت العديد من الفتيات لمضايقات لفظية وجسدية مع امتلاء الشوارع بالمواطنين، وبرزت الظاهرة خاصة في الأعياد والمظاهرات. وذكرت دراسة أصدرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2013 أن 99 في المائة من النساء المصريات تعرضن لـ«نوع من التحرش».
وأقرت مصر تعديلا قانونيا في يونيو (حزيران) الماضي يعاقب مرتكب التحرش الجنسي بالسجن ستة أشهر على الأقل أو بغرامة قدرها ثلاثة آلاف جنيه (420 دولارا). وبموجب ذلك القانون تم الحكم على أكثر من شاب بالسجن لسنوات، على رأسهم شباب أدينوا بالاعتداء على فتيات بميدان التحرير وسط القاهرة أثناء الاحتفالات بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر.
وأضاف اللواء أبو بكر أن وزارة الداخلية قامت بنشر مكثف لعناصر الشرطة النسائية في الشوارع الرئيسية هذا العيد، ومن قبله مع بداية العام الدراسي، للتصدي لظاهرة التحرش والاعتداء على المرأة، موضحا أن هذه العناصر النسائية كانت موجودة في السابق بإدارات عمل مختلفة، إلى أن أصدر وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم قرارا في مايو (أيار) العام الماضي بإنشاء إدارة لمتابعة العنف ضد المرأة، تتبع قطاع حقوق الإنسان بالداخلية، كانت لها مهام توعوية وتشارك المجلس القومي للمرأة والطفولة والأمومة في الأنشطة المتعلقة به.
وتابع مساعد أول وزير الداخلية «مع استفحال ظاهرة التحرش وتعرض الفتيات والسيدات لمضايقات في الشوارع أنشأ وزير الداخلية هذا العام أقساما لمكافحة جرائم العنف ضد المرأة في كل مديريات الأمن، وألحق بها عناصر الشرطة النسائية، لتكون ضمن قوة مخصصة للتصدي لكل جرائم العنف ضد المرأة».
وأشار اللواء أبو بكر لـ«الشرق لأوسط» إلى أن «وجود هؤلاء الشرطيات مهم جدا في التعامل مع الفتيات والسيدات في الشارع، وبرز دورهن خلال أيام العيد وبداية العام الدراسي الجديد، وكان إيجابيا وواضحا وملموسا، حيث نجحن في التصدي لظاهرة التحرش والقبض على عدد من الشباب مارسوا أعمال عنف ضد الفتيات».
وأكد مساعد الوزير لـ«الشرق الأوسط» أن خطة الداخلية هذا العام أسهمت إلى حد كبير جدا في تراجع ظاهرة العنف ضد الفتيات والسيدات نتيجة وجود الأمن المكثف بصفة عامة، وعناصر الشرطة النسائية بصفة خاصة، وأصبحت معظم الحالات مقتصرة على «التعرض اللفظي»، وهي حالات قليلة بالمقارنة بالسنوات الماضية. واستدرك قائلا «إذا كان ذلك أيضا أمرا مرفوضا، إلا أنه يمثل نتائج إيجابية». وأكد اللواء أبو بكر أن هؤلاء الضابطات «مدربات على مواجهة العنف، لكن جزءا من القوة مخصصة كذلك يرأسه ضابط وأفراد أمن رجال، يشكلون مجموعة متكاملة لحماية المرأة المصرية، لأنه من الصعوبة أن توجد الضابطات بمفردهن في الشارع أيضا، في ظل ما يعرف بحالات التحرش الجماعي والتي يكون فيها عشرات الشبان يحتاجون لتدخل القوات».
وأشار لوجود تنسيق بين وزارة الداخلية والحركات الشبابية المتطوعة للتصدي لجرائم التحرش وضبط عدد من المتحرشين في الشوارع، لافتا إلى أن قسم مكافحة جرائم العنف ضد المرأة سيواصل عمله لملاحقة المتحرشين باستمرار سواء في المناسبات أو غيرها، لكنه من الصعب أيضا الوجود في كل شارع أو حارة في جميع أنحاء مصر، مما يستوجب تعاون جميع المواطنين والجمعيات الأهلية. وخصص مكتب شكاوى المرأة ومتابعتها بالمجلس القومي للمرأة غرفة عمليات تعمل خلال العيد لتلقي شكاوى التحرش الذي تتعرض له السيدات والفتيات. كما ذكرت مبادرة «شفت تحرش» الحقوقية أن أول أيام عيد الأضحى شهد انخفاضا في عدد وقائع التحرش، بسبب الانتشار الواضح لعناصر الشرطة والجيش بمركباتهم في محيط ميدان التحرير، ومحيط ميدان طلعت حرب. وأشارت المبادرة إلى أن جرائم التحرش الجنسي باتت تزداد وتكثر وقائعها خلال عطلات الأعياد، والاحتفالات التي يغلب عليها الطابع الجماهيري، لافتة إلى خطورة الوضع القائم، وحاجة النساء الضرورية إلى وجود شوارع آمنة وحياة كريمة تضمن لهن البقاء في المجال العام.

أخبار ذات صله