fbpx
الحراك الجنوبي ،، الثوابت والمواقف الوطنية

 الحراك الجنوبي ،، الثوابت والمواقف الوطنية 

ابو وضاح الحميري

لايختلف العقلاء والمحللون والمتابعون للشان السياسي في الجنوب وقضيته السياسية العادلة التي تبناها شعب الجنوب  إن غياب الرؤية السياسية  والقيادة الموحدة وفقدان الحراك الجنوبي للعمل المؤسسي المنظم كان له اليد الطولى من  التخبط والتناقض في مواقف الحراك بشكل خاص والجنوبيين بشكل عام في  كثير من القضايا والأحداث وصل الى الغموض والسلبية  أحيانا ، وخلط البعض بين الإستراتجية والتكتيك وبين تحديد الأولويات والثانويات وبين الثوابت والتكتيكات والمناورات السياسية ووقع البعض الأخر وبالذات ممن هم في الخارج أو في الأحزاب اليمنية بين التمسك بالقضية الجنوبية والدفاع عن المصالح الجنوبية العليا بما يلبي تطلعات الشعب الجنوبي واستقلال القرار الوطني الجنوبي وبين ولائهم لأحزابهم أو أنظمة البلدان التي يقيمون فيها او تربطهم بها علاقات ومصالح خاصة ،، وحاول البعض تغليب المصالح الحزبية والمنافع والمصالح الشخصية على مصالح الجنوب العلياء واستقلالية القرار الوطني الجنوبي الخ،،

 ويمكن هنا ان نبين للتدليل لا للحصر بعض من تلك المواقف والأحداث التي لم يمتلك فيها الجنوبيين موقفا موحدا مثل:

 1 – تعريف القضية الجنوبية

 برغم عدالة القضية الجنوبية ومشروعيتها الا أن الجنوبيين لم يستطيعون مع الأسف بما في ذلك الحراك الجنوبي بمكوناته من توصيف أو تعريف موحد ومتفق عليه للقضية الجنوبية وهو الأمر الذي قاد إلى تباين وتضارب وتعدد المشاريع والشعارات التي أربكت الجنوبيين وقسمتهم بل وأضعفتهم ،،،

 

2- الموقف من النضال السلمي

 

أرتبط اسم الحراك الجنوبي بالخيار السلمي كشكل حضاري وشكّل قوة للجنوبيين في وسيلتهم الفاعلة  لنضالهم  من اجل استعادة دولتهم ،، الا انه ومع ذلك تجد بين حين وأخر من ينبري من بعض رموز ونشطا محسوبين على الحراك تدعوا للكفاح المسلح وثورة الحجارة وإعلان الجهاد الإسلامي  الخ ،،

 

3 – الموقف من أعمال العنف والفوضى والتقطع:

 

في الوقت الذي نعي جيدا أن التوجه العام للحراك الجنوبي يرفض أعمال العنف والتقطع والفوضى وان نظام صنعاء هو المستفيد منها سوى أكان بتغذيتها وافتعالها او بتشجيعها ،، الا أن المأخذ على الحراك الجنوبي انه لم يتخد ضدها موقفا موحدا وحازما منذ البداية ويتصدى لها ويكشفها ويؤمن المناطق الحراكية ليقدم من خلالها نموذج للدولة التي يناضل من اجلها ،، الأمر الذي ترك لها العنان لتستفحل وتكبر وتنتشر اما لتقاعس أو لحسابات وقراءات خاطئة ومما ينبغي التأكيد عليه أن محاولات الزج بالجنوبيين في فتنة جنوبية ومواجهات جنوبية جنوبية قد حاول فيها النظام السابق وفشل وهي اليوم كذلك إستراتيجية الحكام الجدد لصنعاء شركاء حرب وفتاوي صيف 94م .

 

4 – الموقف من التحالفات الجنوبية الجنوبية

 

من غير المعقول والمقبول للحراك الجنوبي السلمي الذي رفع ويرفع شعار التصالح والتسامح ويتغنى في الديمقراطية والحرية والتعددية السياسية واحترام وقبول الأخر الخ ،، أن يسمح لأي سلوك أو خطاب لايتمثل في هذه المبادئ وكان يفترض على الحراك أن يتصدى للأصوات وللخطاب المنفر والمخون للأخر ورفض ثقافة وسياسية التفرد والوصاية وان يجسد الحراك عمليا أيمانه باحترام وقبول الأخر والتعاطي مع التنوع السياسي حتى يطمئن الجميع عدم تكرار صراعات الماضي .

 

5 – التعاطي مع أبناء الشمال :

 

الحقيقة أن العقلية السياسية الجنوبية لازالت أسيرة العاطفة والشطحات الثورية التي تفتقد للواقعية المعتمدة على المعلومة وعلى التقييم والتقديرات العلمية في تقييم الأوضاع والأحداث والتعاطي معها وهي نفسها التي وقعت بسوء تقديرات أوضاع الشمال قبل عام 90م.

فبينما تجد البعض من الجنوبيين لم يستوعب در س عام 90م مع الأسف فلازال يراهن على الوحدة او على إصلاحها  او بناء الدولة الاتحادية الفدرالية الخ،، تجد أن البعض الأخر من الجنوبيين يستخدم خطابا منفرا ومعاديا لكل شمالي وكان لهذا الخطاب نتائج عكسية ومضرة استقلها ووظفها النظام في تحريض وتأليب الشارع الشمالي ضد الحراك الجنوبي ، وخلط البعض من قيادات الحراك بين الموقف من النظام ومتنفذي حرب 94م وبين الموقف من القوى السياسية الأخرى والمواطن والشعب الشمالي ، وفي الموقف من حرب صعدة والخلط بين التعاطف مع المواطنين الأبرياء وبين الموقف من صراع الحوثيين مع السلطة ، واستمر هذا التخبط كذلك في الموقف من ثورة الشباب وجرى خلط بين الموقف من ثورة الشباب التي تستهدف نظام قمعي فاسد ينبغي ان نساندها وندعمها دون التفريط بالقضية الجنوبية ، وبين الموقف من صراع القوى المتصارعة على السلطة في صنعاء الخ ،،

 

6- الموقف من الإرهاب والتطرف :

 

نعلم جيدا أن الشعب الجنوبي بحكم ثقافته وتربية الماضي كمجتمع مدني مسلم تربته رافضة لأفكار التطرف والإرهاب ولم يكن لها أي موطئ قدم في الجنوب  الا ممن تم ترويضهم واستجلابهم من قبل نظام صنعاء بعد عام 90م لتصفية بعض قيادات الجنوب وكذا استخدامهم في حرب 94م أما الشق الأخر فهم بعض الشباب الذي تم تضليهم واستقلال ظروفهم .

 

ومما يحسب على الجنوبيين والحراك خاصة هو انه لم يمتلك موقفا موحدا ويتصدى لهذه الظاهرة مبكرا وبالذات من يطلق عليم القاعدة وما يسمى بأنصار الشريعة قبل ان يستفحلوا ويحدث ماحدث في ابين وجعار وغيرها ، وعلى الرغم من أن الغالبية من أصحاب الحراك والجنوبيين بشكل عام يرفضون القاعدة فكرا وسلوكا وبرغم البيانات وبالذات في الفترة الأخيرة المنددة والرافضة للقاعدة وأنصار الشريعة أكانت الصادرة من المجلس الأعلى او من قبل الرئيس البيض وبعض قيادات الحراك الأخرى وتصدي اللجان الشعبية لهم وإعلان الآخرين منعهم من الدخول لمناطقهم الخ ،،

ومن مايؤخذ على الاخوة في المجلس الاعلى وبعض المكونات للحراك والشيء الغير مفهوم والغريب ذلك التغاضي والتغافل من قبل قيادة المجلس الأعلى على تصريحات البعض ممن كان لهم مكان  في المجلس الأعلى للحراك الجنوبي السلمي المؤيدة لأنصار الشريعة وكان الأجدر ان يقوم المجلس الأعلى بفصله على قرار فصل عبد الله الناخبي المؤيد لثورة الشباب والمتنكر لثوابت الحراك الجنوبي  .

 

الإشكالية الثانية التي وقع فيها الجنوبيون وبالذات اللجان الشعبية ، فبينما يحسب لهم تصديهم لأنصار الشريعة ومنعهم من دخول مناطقهم وهذا شيء جيد ومطلوب ، لكن الإشكالية هو كيف تقاتل هذه اللجان الى جانب جيش تدعي انه محتل لمناطقهم  بل وتسلمه المواقع التي تطهرها من أنصار الشريعة.

 

7 – الموقف من التدخلات الخارجية :

 

عدم امتلاك موقفا موحدا ومعلن مما يسوق له عن علاقة بعض قيادات الحراك مع النظام الإيراني وعن العلاقات الإيرانية الجنوبية وعن التدخل العسكري الأمريكي في الجنوب وغيرهم الخ ،،وخلط البعض بين العلاقات السياسية التي تخدم المصالح المشتركة وبين الانقياد او الوقوع في التبعية وخدمة أجندات خارجية وعدم السماح لتوظيف القضية الجنوبية كورقة في إطار الصراع الإقليمي والدولي .

 

8 – الموقف من الحوار الوطني:

 تذبذب البعض من الجنوبيين  وبخاصة ممن ينتسبون الى الحراك بشان الحوار الوطني في صنعاء  وكانهم  يعملون على ارضاء الطرفين والميل مع الكفة الراجحة  وحتى لو كانت هذه الاعمال من السياسة الا انها تتنافى مع ثوابت الحراك الجنوبي  الواضحة في  استعادة الدولة  وهذا ما نعتب على الاخوة في المجلس الاعلى عدم الوضوح فيه .

 

 المخرج  من هذا ..

نرى ومن خلال  راينا الشخصي  إن المخرج  من هذا الوضع يكمن في توافق الجنوبيين على ميثاق او برنامج يحوي الثوابت والمبادئ الوطنية الجنوبية المشتركة والتي نرى ان من أبرز  هذه الثوابت او القواسم المشتركة تتمثل في الأتي:

 

 

أولا :  الولاء لله سبحانه وتعالى والتمثل بتعاليم ديننا الحنيف بأخلاقنا وتقاليدنا العربية الإسلامية

 

ثانيا : الإخلاص للجنوب ووضع مصلحة الجنوب فوق المصالح الحزبية والمناطقية والفئوية والإقرار بان الجنوب كل الجنوب هو ملك لكل أبنائه وان مسؤولية حماية الجنوب والدفاع عنه واستقراره وأمنه هي في نفس الوقت مسؤولية الجميع.

 

ثالثا :  تمسك الجنوبيين بأسلوب وخيار النضال السلمي في استعادة دولتهم كخيار استراتيجي لا رجعة فيه وسلاح العصر الراهن الذي اثبت فاعليته كشكل حضاري فاعل وآمن واقل تكلفة وهو خيار يؤسس لثقافة جديدة مستقبلية خالية من العنف والاحتكام للسلاح في حل الخلافات والمنازعات في المستقبل .

 

 

رابعا : الإقرار بان الواقع الذي يعيشه الجنوب منذو عام 94م هو واقع احتلال ولازال وان أي حلول للقضية الجنوبية أو أي حوار ينبغي ان يقوم على هذا المفهوم وعلى قاعدة الشمال والجنوب  ((( تفاوض ))) وبرعاية وإشراف إقليمي ودولية وبما يلبي خيار الشعب الجنوبي في الحرية واستعادة دولته .

 

خامسا : إن الشعب الجنوبي هو صاحب القرار الأول والأخير في تقرير مصيره ورسم ملامح مستقبله واختيار طريق توجهه بما في ذلك شكل ونوع وتسمية الدولة القادمة ونظامها السياسي .

 

سادسا : إن التصالح والتسامح الجنوبي  قد مثل قيمة إنسانية و أخلاقية وركيزة رئيسية قام عليها الحراك الجنوبي وهو الأمر الذي يتطلب بناء وتعزيز العلاقات الجنوبية الجنوبية على قاعدة تعزيز وتعميق ونشر ثقافة التصالح والتسامح وتحويلها إلى سلوك وثقافة بالفعل من خلال قبول واحترام الأخر ونبذ ثقافة وسياسة الاستقوى والمصادرة وتخوين وتكفير وتكميم الصوت والرأي الأخر.

 

سابعا : إن الجنوبيين يرفضون ان يكونون طرف في أي صراع لأقطاب السلطة في صنعاء كما يرفضون ان يكون الجنوب ساحة لتصفية حسابات الأقطاب المتصارعة في صنعاء وتحويل الجنوب إلى ساحة حرب بالوكالة لأجندات يمنية وإقليمية ودولية .

 

ثامنا : إما بصدد القاعدة وما يسمى بأنصار الشرعية فان الموقف الجنوبي يتحدد في :

 

أ – رفض القاعدة فكرا وسلوكا بما في ذلك ما يسمى بأنصار الشريعة وعدم السماح لتحويل الجنوب لأفغانستان جديد او صومال اخر ورفض كل إشكال التطرف والقمع والإرهاب وكذا رفض التوظيف الديني لأغراض سياسية وتكفير كل من يخالف في التوجه والرأي السياسي ،

 

ب – يحذر الجنوبيون أقطاب السلطة في صنعاء في العبث في الجنوب وفي الوقت الذي يرفض الجنوبيين تواجد أنصار الشريعة بالجنوب ويطالبونهم بالرحيل منه فأنهم كذلك يطالبون قوات الاحتلال بالرحيل من الجنوب.

 

ج – لايقبل الجنوبيون  وتحت شماعة القاعدة أي تدخل عسكري مباشر على أراضي الجنوب أكان من أي طرف كان اقليمي او دولي  .

 

تاسعا : يرفض الجنوبيون  التدخل الإيراني في الشأن الجنوبي تحت شعار التعاطف أو دعم القضية الجنوبية واستخدام قضيتهم ورقة في الصراع الإقليمي والدولي .

 

عاشرا :  علاقة الشعب الجنوبي مع أخوانهم العرب وبالذات مع جيرانه وفي مقدمتهم السعودية ودول الخليج هي علاقات تاريخية وإستراتيجية ويحرص الجنوبيون على تنميتها وصيانتها وتطوريها بما يخدم المصالح العربية المشتركة وامن واستقرار المنطقة .

 

الخلاصة :

 وللتوافق على ثوابت وطنية جنوبية جامعة وشاملة فإننا نقترح أن يبادر المجلس الأعلى للحراك الجنوبي بقيادة المناضل الأخ حسن باعوم بتبني المبادرة والدعوة سريعاً لعقد مؤتمر وطني جنوبي شامل لتشكيل الجبهة الوطنية الجنوبية التي ينبثق عنها مجلس وطني جنوبي وميثاق وطني يحدد الثوابت الوطنية ليكون بمثابة قانون او دستور يحتكم ويلتزم فيه الجميع ويطمئن الكل في الداخل والخارج ويبدد المخاوف ويضع الكل على بينه بنهج وسياسة الحراك ومواقفه الوطنية والإقليمية والدولية .